سجى شاهدة على معاناة ملايين الأطفال السوريين

فقدت ساقها وأصدقاءها، شاهدت ويلات الحرب أثناء طفولتها البريئة، وأُجبرت عائلتها على النزوح، لكن رغم الأهوال، انتشلتها روح الصمود، وساعدها الشغف بهوايتها المفضلة على البقاء والتمسك بأحلامها.
سجى، التي كانت بعمر سبع سنوات، حينما اندلعت شرارة الحرب السورية عام 2011، وبعمر 11 عاما، عندما انفجرت قنبلة في مسقط رأسها، حي باب النيرب، شرقي حلب، لا تزال تتطلع إلى المستقبل

في ذلك الهجوم، فقدت سجى، البالغة الآن 18 عاما، ساقها اليسرى، وقضت أربع من صديقاتها. وفي هجوم آخر بالقنابل على حلب، فقدت شقيقها.
تلك المآسي أجبرت عائلتها على الفرار، والتنقل عدة مرات، لكن صمودها لم يتركها أبدا، بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) نشر على موقع فوربس حول قصتها.
كانت تلعب كرة القدم مع الأصدقاء، وتستخدم ساقها الاصطناعية وعكازيها لركل الكرة.
تقول في مقطع فيديو منشور على حساب (يونيسف) إنها "لا تشعر بالاختلاف عند ركل الكرة، أو أنها فقدت شيئا ما".
في سن الـ12 كانت تمارس رياضة الجمباز في شقة العائلة الصغيرة، وكانت تحلم بالمنافسة في الألعاب البارالمبية، لكن رحلة الذهاب إلى المدرسة كانت طويلة، فاختارت أن تتابع رياضة كرة القدم عوضا عن الجمباز.
تعلمت الشابة اليافعة من التجربة أن "الحياة لا تتوقف.. يجب أن نستمر في الحياة، ونتابع شغفنا، ونفعل الأشياء التي نحبها".
وتتطلع الآن إلى دراسة الأدب وأن تصبح معلمة تربية بدنية، رغم الإصابة التي ألمت بها.
قصة سجى تسلط الضوء على معاناة الأطفال بعد 10 سنوات من حرب خلفت آلاف القتلى والجرحى، وتسببت في توقف الملايين منهم عن الذهاب إلى المدارس وهو ما حمل انعكاسات سلبية في البلاد تمتد للسنوات المقبلة.
وكشف تقرير حديث لـ"يونيسف" أن الحرب أسفرت عن سقوط حوالي 12 ألف طفل بين قتيل وجريح، وجعلت حياة ومستقبل جيل من الأطفال معلقا، فيما لا يزال وضع العديد من الأطفال والعائلات محفوفا بالمخاطر.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل قرابة 400 ألف شخص، منهم 117 ألف مدني، و22 ألف طفل، و14 ألف امرأة، و81 ألفا من الرجال، بالإضافة إلى تهجير ونزوح الملايين من السوريين.
وتقول "يونيسف" إنه قبل اندلاع الحرب، في عام 2011، كانت سوريا دولة لا تحتاج إلى مساعدات يومية، أما في الوقت الحالي، هناك أكثر من ستة ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية، و80 في المئة من أطفال البلاد يعيشون تحت خط الفقر.
سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، قالت في جلسة إحاطة لمجلس الأمن حول سوريا، الاثنين: "تخيل أنك طفل في الـ10 من عمره في سوريا لم يسبق له أن عاش حياة خالية من الصراع، ولعل أحد والدَيك قد قضى في هجوم بالأسلحة الكيماوية أو في غارات جوية روسية، أو أنه كان واحدا من الـ 500 ألف شخص الذين قضوا على يد نظام الأسد الوحشي، ولعل بعض أقاربك تعرض للتعذيب والاختفاء. إذا ستكون واحدا من 13 مليون سوري أجبروا على الفرار من ديارهم".
وأضافت: "أنت هزيل، ومن المحتمل أنك تعاني من سوء التغذية. لا ترى إلا الحزن في عيون والديك. ترى الدبابات في الشوارع، تبحث عن القناصين على أسطح المنازل. أنت بالكاد قادر على البقاء على قيد الحياة. عمرك 10 سنوات ولم تعرف سوى الحرب".
تقول سجى في الفيديو: "أمنيتي أن تعود سوريا إلى ما كانت عليه... لا مزيد من الحرب. أتمنى أن نخرج ونعلم أننا سنعود بأمان، لن نخرج ولن نعود إلى الوطن أبدا لنعيش كما كنا في السابق".