
المغفلة
تم عرض قصة المغفلة للكاتب الروسي تشيخوف في أحد المواقع الالكترونية للمناقشة والتحليل.
ومن خلال متابعتي لقراءة التعليقات عن رأي القراء تجاه مجريات القصة ، والتي تعاطف الجميع فيها لموقف المربية يوليا والظلم الذي وقع عليها جراء تقليل راتبها .
ولعلنا بعدهم نعيد القراءة لنرى استدراج القارئ إلى كل تلك العظات والعبر التي يفترض أن يخرج منها بعد قراءته لها .
كالقانون الذي يديره رب العمل للعاملين لديه ،وأحقية كل من الرئيس والمرؤوس في أخذ حصته ،واحترام قانون العمل والتقيد به والعمل الجاد وفقا للمعطيات وأنواع الشخصيات وكيفية التعامل معها.
( الشخصية الخجولة أنموذجا )وقانون المصارحة والمكاشفة وأسلوب المباغته.
مرورا بعنصر المفاجأة والحوار والعدل المفترض تطبيقه في الحياة .
والحساب الدقيق الذي يجب أن نحاسب به أنفسنا مع تزامن عدم الاستهانة بما تم بذله ومحاولة المواجهة في حال لم يتم تقديرما بذلت من مجهود ،وعدم الاستخفاف به ومطالبة الحق واجب الزامي والحقوق والواجبات…
في كثير من الأحيان قد تبدو لنا الأمور بتكوينها وطبيعتها جلية لا لبس يعلوها ولا تحتاج لتفسير أو اقناع ،على الرغم من ذلك يؤمن كل منا بما ظهر واضحا في مجريات القصة .
اتفقوا جميعهم على الظلم لا ضير في ذلك ولكن القصة في رأيي تأخذ منحنى آخر .
فالمطالبة هنا تكمن في الإستفادة من هذه القصة وتقليبها مع عكس الأدوار والتقمص في الشخصيتين ومقارعتهما بواقع الحال.
إن ما لمسته من حوار اقتصر على تدقيق مالي من 40 روبل إلى أن وصل إلى 11 روبلًا راتبا لمربية ليس إلا دروسا ينبغي الالتفات لها.
وإشارة لما تم ذكره سابقا فحرص رب الأسرة على الدقة في العمل والاقرار بتثبيت الحجج ومتابعة كل صغيرة وكبيرة للعاملين في المنزل ومحاسبتهم على ذلك نهج قد يستصغره البعض وقد يقره آخرون.
فأحيانا نتجاوز عن التقصير لأننا نزرع ثقة ونغرس مبادئ ..وأحيانا أخرى نشد الحزام حتى لا تتجه الأمور لمفهوم التسيب .
قد نصادف مثل رب الأسرة في القصة مسئولاً، أقل ما ينسب له انه متعجرف .. ليس لشيء إلا أنه يطبق التجويد في العمل ليتمكن من ابراز منتج كثر عرضه وتميزت جودته.
(لا تطلب سرعة العمل بل تجويده لأن الناس لا يسألونك في كم فرغت منه بل ينظرون إلى إتقانه و جودة صنعه)
أفلاطون.
قد نعمل جميعنا بنفس الأهداف ولكننا نتميز في درجة الوصول إلى الأجود وتبقى الأفضلية لمحصلة الخبرات والنتائج وما خلفه كل منا .
هنا قد تكون الالتفاتة إلى الخلف محمودة ، لنرى كم هو شاهق ذلك الجبل بما حمل أم كم هي ضحلة تلك السهول بما حوت.
قصة قصيرة ترجمت واقعًا معاشًا ليس على صعيد خادم ومخدوم؛ بل حياة اختصرت في حوار أخذ وعطاء نقص وزيادة عتمة وإشراقة ، وكأنه الاتزان الذي وجد في الكون .
قراءتك للقصة قد تضيف ما غفلنا عنه اوغلها الكاتب لتكتشفها أنت فتضع بصمتك لتفكر خارج الصندوق وتحلق في فضائك لتكون السرب ذاته.
في كثير من الأحيان قد تكون القسوة الأداة التي نوظفها لإخراج الدابة من الجحر فنرفض بدايتها ونتهلل لخاتمتها .
فلا تكن مع التيار إلا إذا تميز وإن قلت قوته ، فالعبرة بالخواتيم . جعلنا وإياكم ممن يحسنون العمل فترقى بهم الأوطان …