
ذبيح الله مجاهد أحد قيادات طالبان والمتحدث باسم الحركة
يرى محللون أن دستور حركة طالبان، إن تم تطبيقه كما هو، قد يفرز نظام حكم قريب من نظام ولاية الفقيه في إيران؛ حيث تمنح بنوده كامل الصلاحيات لزعيم الحركة- الملقب بـ"أمير المؤمنين"- على غرار مرشد إيران، مع استمرار الغموض حول مستقبل الجيش الأفغاني.
وبحسب الصحفي والمحلل السياسي الإيراني، محمد رحماني فر، فإن طالبان بعد إسقاط حكمها في 2001 توجهت إلى إيران؛ فظهرت نسخة جديدة للحركة بعد أن نقلت كثيرا من نظام ولاية الفقيه.
ويضيف رحماني فر أن "طالبان اليوم هي نفسها طالبان قبل 20-25 عامًا"، حسب قوله، إلا أنها تطلق تصريحات فيها موائمات لكسب ود الأفغان والمجتمع الدولي.
ويعد دستور طالبان الصادر 2005، مؤشرا على نظام الحكم، حاملا شعار "إن الحكم إلا لله"، وفقا للمادة الثانية، ونصت المادة الأولى على أن "أفغانستان إمارة إسلامية، حرة، مستقلة، واحدة غير قابلة للتجزئة".
"ولاية فقيه" سُنيَّة
ومن جانبه، قارن محمود جابر، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، بين حكم طالبان القادم ونظام إيران، بالقول "النظام الإيراني يقوم على هرم للسلطة مكون من مرشد له كافة الصلاحيات في الدستور، ورئيس السلطة التنفيذية، وبرلمان، ومجلس صيانة الدستور، وفي أفغانستان سيكون الترتيب أن زعيم الحركة هبة الله آخند زاده يوزاي ( المرشد/ القائد)، ويعاونه مجلس حكم (يقابل مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران) وأن القرار والصلاحيات سوف تتركز في يد زعيم الحركة (المرشد) ودور مجلس الحكم (مجلس تشخيص مصلحة النظام) سيكون استشاريا.
وعن تأثير هذا مذهبيا، قال جابر إن "وجود نظام ولاية فقيه سني يعزز فكرة نموذج ولاية الفقيه، ويجعل هناك نموذجين متنافسين للاستقطاب والتمدد".
إلا أن الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية محمد يسري، لفت في حديثه إلى أن نموذج طالبان المتوقع ليس تكرارا لولاية الفقيه فقط، ولكن تكرار لما كان سيطبقه تنظيم الإخوان في مصر، بوجود محمد مرسي رئيسا للبلاد بشكل رمزي، ولكن الصلاحيات الكاملة كانت تدار من مكتب الإرشاد والمرشد محمد بديع.
سلطات "أمير المؤمنين"
زعيم الحركة له في دستورها سلطات شبه مطلقة، كما للمرشد في نظام ولاية الفقيه الإيرانية، بخلاف أن إيران بها رئيس للدولة بجانب المرشد، في حين الحديث في أفغانستان حتى الآن حول "أمير للمؤمنين" (زعيم الحركة) ورئيس وزراء.
وأوضح دستور طالبان أن من شروط اختيار أمير المؤمنين أن "يكون رجلا مسلما ويتبع المذهب الفقهي الحنفي، ويمتلك الجنسية الأفغانية ويكون ولد من الأبوين أفغانيي الأصل، وفقا للمادة 53، وهو ما يعني حصر رأس النظام في أتباع المذهب الحنفي، كما يحصر النظام الإيراني منصب القائد والمرشد في المذهب الإثنى عشري.
وحددت المادة 55 صلاحيات الأمير في 20 نقطة، أبرزها القيادة العليا للجيش، وتعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وعزلهم، وتعيين رئيس المحكمة العليا، والموافقة على تعيين وعزل القضاة، وتمثيل الإمارة دوليا، وكذلك تعيين السفراء في الخارج والمندوبين في الهيئات الدولية، وقبول رسائل الاعتماد.
وأشارت المادة 61 إلى أن الحكومة هو القوة الإجرائية والإدارية العليا للإمارة، تتشكل من رئيس الوزراء والوزراء، وأن "رئيس الوزراء يكون رجلا مسلما ويتبع المذهب الفقهي الحنفي"، وفقا للمادة 62.
البرلمان بالتعيين.
وربما لن تشهد أفغانستان انتخابات قريبا؛ فالقيادي بالحركة وحيد الله هاشمي، قال لوكالة "رويترز": "لن يكون هناك نظام ديمقراطي على الإطلاق لعدم وجود قاعدة له في بلدنا".
وترسم المادة 46 ملامح البرلمان بأنه "شورى الإسلامي"، وأعضاؤه "يتم تنصيبهم من قبل أمير المؤمنين"، أي بالتعيين، وأعضائه "هم أهل الحل والعقد" بحسب المادة 47.
نموذج الحرس الثوري
حتى الآن مصير الجيش الأفغاني مجهول، وبحسب وحيد الله هاشمي، فإن طالبان تعتزم تشكيل قوة جديدة، تضم إلى جانب أفرادها الجنود الحكوميين المستعدين للانضمام إليها، وهو ما يشير إلى إمكانية حل الجيش، وتشكيل جيش إسلامي من بينه قوة على أساس عقائدي أشبه بالحرس الثوري الإيراني.
استئناف عمليات الإجلاء الأميركية من مطار كابل بعد توقف طويل
استؤنفت عمليّات إجلاء المدنيّين من مطار كابل بعدما كانت قد توقّفت لساعات عدّة جرّاء عدم قدرة القاعدة الأميركيّة في قطر على استيعاب المزيد من الأشخاص، حسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون).
وقال الجنرال هانك تايلور، من هيئة الأركان الأميركيّة، للصحافة إنّ "الرحلات استؤنفت، والرحلات العسكريّة الأميركيّة المتّجهة إلى قطر وأماكن أخرى قد أقلعت، وهناك رحلات أخرى أقلعت نحو كابول في الوقت الذي أتكلّم فيه معكم"، مشيرًا إلى أنّ تعليق الرحلات "حدث في وقتٍ باكر صباح (الجمعة) واستمرّ من ستّ إلى سبع ساعات".
من جهته، أوضح المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركيّة جون كيربي أنّ "المرافق (المخصّصة) للاستقبال في قطر كانت ببساطة قد بلغت كامل طاقتها.
لم تكُن هناك أماكن إضافيّة لإرسال مزيد من الناس إلى هناك".
وقد حصلت واشنطن على ضوء أخضر من برلين، من أجل إرسال بعض ممّن تمّ إجلاؤهم، إلى ألمانيا حيث تمتلك الولايات المتحدة قواعد عسكريّة عدّة.
وقال تايلور "نشكر حلفاءنا الذين يتعاونون معنا في هذا الجهد العالميّ، بما في ذلك ألمانيا التي ستهبط على أراضيها رحلات جوّية اليوم".
في وقت سابق، قال مسؤول كبير في القيادة العسكريّة المكلّفة النقل الجوّي إنّه لم تكُن هناك أيّ عمليّات إقلاع من كابول "لفترة طويلة" نظراً إلى اكتظاظ القواعد في المنطقة.
وأوضح الجنرال دان ديفوي أنّ المشكلة تكمن في "إدارة القدرات" في هذه القواعد العسكريّة غير المجهّزة لاستيعاب آلاف اللاجئين.
وتعرّضت وزارة الخارجيّة الأميركيّة لانتقادات بسبب تعاملها البيروقراطي مع الأزمة، إذ إنّه يتوجّب على الآلاف من كبار السنّ والأطفال أن ينتظروا على مدى أيّام، وفي ظروف صعبة، للحصول على وثائق تسمح لهم بمغادرة هذه القواعد للوصول إلى الولايات المتحدة.
وروى أفغان تمّ إجلاؤهم إلى قطر، أنّ مئات الأشخاص ناموا على الأرض في حظائر الطائرات لأكثر من ثلاث ليالٍ متتالية، في ظل حرارة خانقة، بينما كان الدخول إلى المراحيض متعذّرًا معظم الوقت.
من جهة ثانية، أشار كيربي إلى أنّ جنودًا أميركيّين يتمركزون في مطار كابول قد غادروا حرمه لـ"تسلّم" أشخاص كانوا موجودين "في مكان قريب جدًا".
وقال إنّه "في وقتٍ قليل، وبعبورهم مسافة قصيرة، تمكّن بعض الجنود من الخروج وتسلُّمهم وإعادتهم" إلى المطار.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار سابقًا الى أنّ "169 أميركيًا دخلوا المطار بمساعدة جنود"، لكنّ كيربي لم يؤكّد ما إذا كان الأمر متعلّقًا بأميركيّين.
وتشهد المناطق المحيطة مباشرةً بمطار العاصمة الأفغانيّة حالاً من الفوضى، إذ يسعى الآلاف منذ يوم الاثنين إلى الفرار من البلاد التي باتت تحت سيطرة حركة طالبان المتّهمة بمنع الوصول إلى المطار.
وأكّد المتحدّث باسم البنتاغون أنّ الجنود الأميركيّين الذين خرجوا من حرم المطار، لم يُضطرّوا إلى عبور نقاط تفتيش طالبان. وامتنع عن التعليق على تقارير عن عمليات إجلاء مِن وسط كابل إلى المطار بطائرات هليكوبتر أميركيّة.