وزير الداخلية اللبناني مستمر في"تضيق الخناق" على المثليين على الرغم من قرار مجلس شورى الدولة -->
عالم محير 83 عالم محير 83

وزير الداخلية اللبناني مستمر في"تضيق الخناق" على المثليين على الرغم من قرار مجلس شورى الدولة

 

وزير الداخلية اللبناني مستمر في"تضيق الخناق" على المثليين على الرغم من قرار مجلس شورى الدولة

وزير الداخلية اللبناني مستمر في"تضيق الخناق" على المثليين على الرغم من قرار مجلس شورى الدولة 


لم يكد أفراد مجتمع الميم في لبنان يتنفسون الصعداء مع قرار مجلس شورى الدولة الذي جمد قرار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الصادر في يونيو الماضي، والذي نص على "منع تجمعات تهدف إلى الترويج للشذوذ الجنسي"، حتى عاد الوزير وضيّق عليهم الخناق من جديد.


في الأول من الشهر الجاري، صدر قرار مجلس شورى الدولة استجابة للطعن الذي قدمته "المفكرة القانونية" و"حلم"، والذي أعاب على القرار المطعون فيه كما ذكرت جمعية "حلم" على صفحتها عبر "فيسبوك" "تقييد حريات مضمونة دستوريا وتهديده للسلم الأهلي وتحريضه على العنف والكراهية ضد فئات هشّة يجدر بالدولة حمايتها وليس ترهيبها" وأتى قرار وقف التنفيذ كإجراء مؤقت إلى حين بت المجلس في الدعوى.


سرعان ما خالف مولوي قرار مجلس شورى الدولة بإصداره في 18 من الشهر الجاري كتابا وجهه إلى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام، لمنع إقامة مؤتمر لإحدى الجمعيات في فندق رويال توليب الأشرفية، وذلك بعد ورود معلومات عن أن مجموعة في الأشرفية بصدد التحرك لمنع تنظيم هذا المؤتمر بالإضافة إلى بعض الجهات ما قد يستتبع إشكالات أمنية".


كما وجّه مولوي يوم الاثنين الماضي كتابا إلى كل من المديريتين الأمنيتين، استنادا إلى إحالة الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع حول نشاط للمثليين في لبنان يومي الأربعاء والخميس في 23 24 من الشهر الجاري، مؤكدا على التعليمات المعطاة سابقا لجهة منع أي مؤتمر أو لقاء أو تجمع يهدف إلى الترويج لظاهرة المثلية الجنسية.


انقسام 

قرار وزير الداخلية "غير قانوني ومجحف ومتسلط ومعيب"، بحسب ما صفته النائبة سينيتا زرازير، معتبرة أن الوزير "لا يقوم بعمله، فبدلا من أن يحمي النشاطات يلغيها مخالفا قرار مجلس شورى الدولة"الأمر لا يقتصر على النشاطات التي ألغاها، فهناك عدة نشاطات توعوية منها ما هو مخصص للأمراض المعدية، من تنظيم مجتمع الميم عين، ومن المفترض عقدها خلال هذا الشهر، وبدلاً من أن نتشكر أفراد هذا المجتمع لقيامهم بما هو من واجب الدولة، يحرم مولوي المواطنين من الاستفادة منها".


وعلى عكس النائبة زرازير، سبق أن أثنى النائب محمد سليمان، على موقف مولوي، معتبرا أن "قرار مجلس شورى الدولة مرفوض، ولن نسمح بتطبيقه لأنه لا يراعي القيم والأخلاق التي نادت بها الأديان، ولا حتى الأعراف التي حرمت إقامة الشذوذ على أنواعها".


وتمنى في بيان على "المجلس أن ينصرف إلى الأمور التي تهم مصلحة المواطنين وتفك الظلم اللاحق بهم وتعمل على حماية القوانين التي تراعي مفهوم القيم الأخلاقية المسؤولة بعيداً عن الانفلات بأعمال منافية للطبيعة والدين والأخلاق".


ولتجريم أفراد مجتمع الميم، تستند السلطات اللبنانية على المادة 534 من قانون العقوبات التي تنص على أن "كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة" وذلك من دون تحديد مفهوم الطبيعة وما يعدّ مخالفاً له.


ما هو مؤكد أن قرار مولوي يقيّد حرية التعبير والتجمع المنصوص عليها في الدستور كما تقول الصحافية والباحثة في "سكايز" وداد جربوع، وتشدد "يصر وزير الداخلية على قمع ومنع كل النشاطات التي تعنى بحقوق المثليين، مخالفا قرارات مجلس شورى الدولة التي تعتبر ملزمة ونهائية وعلى المسؤولين تنفيذها، وذلك وفقاً للمادة 93 من نظام هذا المجلس، التي تنص على أن أحكام مجلس شورى الدولة ملزمة للإدارة، وعلى السلطات الادارية أن تتقيد بالحالات القانونية كما وصفتها هذه الاحكام".


وعلى الشخص المعنوي من القانون العام أن ينفذ بحسب هذه المادة "في مهلة معقولة الاحكام المبرمة الصادرة عن مجلس شورى الدولة تحت طائلة المسؤولية وإذا تأخر عن التنفيذ من دون سبب، يمكن بناء على طلب المتضرر الحكم بإلزامه بدفع غرامة اكراهية يقدّرها مجلس شورى الدولة وتبقى سارية لغاية تنفيذ الحكم".


كما جاء في هذه المادة "كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعيق أو يؤخر تنفيذ القرار القضائي المذكور في الفقرة السابقة يغرّم أمام ديوان المحاسبة بما لا يقل عن راتب ثلاثة أشهر ولا يزيد عن راتب ستة أشهر".


 يتحجج مولوي كما تقول جربوع "بالمخاطر الأمنية لتقييد الحريات، والمستغرب أنه يستند، كما ذكر في الكتاب الذي أصدره في الثامن عشر من الشهر الجاري، على نوايا مجموعة متشددة في الأشرفية حيث من المتوقع أنها جنود الرب، مبرراً وجود تلك المجموعة لمنع التجمعات المتعلقة بالمثليين، وقد كان من الأجدى أن يلتزم بقرار مجلس الشورى ويؤمن الحماية الأمنية لمنظمي تلك النشاطات إذا كان هناك فعلاً مخاوف من إمكانية وقوع اشكالات أمنية". 


إلا أن الشيء الإيجابي في كتاب الوزير بحسب الباحثة في "سكايز" هو التغيير في المصطلحات المستخدمة من قبله، "حيث استخدم في الكتاب الذي أصدره في يونيو الماضي مصطلح الشذوذ الجنسي، بينما استخدم في الكتاب الجديد مصطلح المثلية الجنسية".


كلام جربوع تؤكده المحامية والمدافعة عن حقوق الانسان، ديالا شحادة، التي تشدد على أن "قرار وزير الداخلية المتعلق بمنع تجمعات خاصة بفئة مجتمعية، مخالف للدستور الذي لا يميز تلك الفئة استناداً لانتمائها الجنسي، تماماً كالقرار الذي أصدره مولوي في يونيو الماضي"، مضيفة " يتجاوز وزير الداخلية السلطات الممنوحة له، منتهكاً من جهة الحقوق الدستورية ومن جهة أخرى صلاحيات السلطات القضائية المختصة بتحديد ماهية التجمعات التي تخالف القانون من عدمها".


قرار مولوي، يضعه كما تقول شحادة لموقع "الحرة" في موقع تحد للمرجع القضائي الوحيد في لبنان للنظر في قانونية القرارات الإدارية، ألا وهو مجلس شورى الدولة.


قرارات "رضائية"

انقسمت الآراء في لبنان بين مؤيد ومعارض لقرار مجلس شورى الدولة، بعض الجمعيات المدنية اللبنانية اعتبرته انتصاراً للمثليين في لبنان، في حين تمت مهاجمته من أطراف عدة، منها "حركة الارض اللبنانية" التي أصدرت بيانا أعلنت من خلاله أن "موقف مولوي مشرّف يحسب له، حيث صرّح بأنّه لن يلتزم بالقرار الصادر عن مجلس شورى الدولة، وبأن من يتبنّى المثليّة ويمارسها سيلقى عقاباً شديداً".


 كما رحبت جمعيات دينية بموقف مولوي منها "الرابطة الإسلامية السنية" في لبنان التي عبرت عن استهجانها لقرار المجلس "بوقف قرار وزير الداخلية القاضي بمنع تجمعات الشاذين المنادين باعتبار جريمتهم حرية" كما عبّرت عن استغرابها "مخالفة هذا القضاء لقانون العقوبات اللبناني الذي يجرم هذا الانحراف، بل وتأسف أن يقبل الطعن من جهات يفترض بالقضاء اعتبارها جهات جرمية".


ودعت إلى "إعادة النظر بهذا القرار الذي يحتاج إلى ثقافة العدالة والقانون، وثقافة الانتماء والاستقلال. كما تدعو الجميع للوقوف موقف مشرف في مواجهة تشريع جريمة تدمير الإنسان والأسرة والمجتمع".


ومن رجال الدين الذين أعلنوا تأييدهم قرار وزير الداخلية رئيس جهاز الشؤون الدينية في "حركة شباب لبنان" امام جبيل الشيخ أحمد غسان اللقيس الذي اعتبر قرار مجلس الشورى "مخالف للشرع، ولفطرة الانسان، وللأخلاق، وللقوانين المرعية"، مضيفاً في بيان "نشد على يدّ معالي وزير الداخلية والبلديات بتنفيذ قراره الرادع دون تردد ومنع اي لقاء او احتفال او محاضرة للمطالبة بحقوق المثليين".


السؤال الذي يطرح نفسه كما تقول شحادة، "ما الذي يقصده وزير الداخلية من إصدار قرار تلو الآخر سبق لمجلس الشورى الدولة أن أوقف العمل به، وسيعيد ايقافه غالباً مجدداً، فهل يحاول الوزير اظهار نفسه بمظهر الرافض لقرار قضائي لم يوافق هواه، في وقت هو ليس فقط موظف عام يفترض به الالتزام بالقانون وقرارات القضاء، ولكنه قاض أيضاً، أم هي محاولة منه لإرضاء المراجع الدينية التي يبدو أنه يدين بالولاء لها أكثر مما يدين بالولاء للسلطة القضائية وللقانون في هذا البلد".


 كما تساءلت "هل سيستمر مولوي في تلبية المطالب الدينية لقمع الحقوق الدستورية للمواطنين من الأقليات الجنسية سنداً لمعايير المجتمع الصالح بحسب هذه المرجعيات"؟


وبما أن قرار وزير الداخلية إداري، يمكن للجهات المتضررة منه سواء المجموعات والفئات المستهدفة أو المجموعات الحقوقية التي تعنى بحقوق الإنسان، كما تقول شحادة "التقدم بطلب جديد لوقف العمل بالقرار الجديد للأسباب القانونية عينها التي تم التقدم بها لإيقاف قرار مولوي السابق".


منذ عام 2017، تتدخل القوى الأمنية اللبنانية باستمرار في أنشطة حقوقية متعلقة بالجندر والجنسانية، بحسب ما ذكرت "هيومن رايتس ووتش" في يوليو الماضي، لافتة إلى أنه "في 29 سبتمبر 2018، داهمت مديرية الأمن العام مؤتمر سنوي حول حقوق مجتمع الميم وحاولت منع انعقاده بشكل غير قانوني، كما أصدرت حظر دخول للمشاركين غير اللبنانيين". 


وفي عام 2021، ألغى "مجلس شورى الدولة" (أعلى محكمة إدارية) كما ذكرت المنظمة الدولية "حظر الدخول وأكّد أن المشاركة في مؤتمر متعلق بحقوق مجتمع الميم يندرج في إطار حرية التعبير التي تضمنها المادة 13 من الدستور اللبناني"، والتي تنص على حرية ابداء الرأي قولا وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون".


وأضافت "تتعارض مثل هذه العرقلات مع الاجتهاد القانوني اللبناني بشأن العلاقات المثلية وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي يوليو 2018، أصدرت محكمة استئناف لبنانية حكما رائداً يقضي بأن السلوك الجنسي المثلي ليس غير قانوني، وأسقطت التهم الموجهة ضد أشخاص بموجب المادة 534 من قانون العقوبات، التي تجرم "كل مجامعة على خلاف الطبيعة". أدان القضاة التدخل التمييزي للقانون في الحياة الخاصة للناس وأعلنوا أن المثلية الجنسية ليست مخالفة للطبيعة. جاء الحكم بعد أربعة أحكام صادرة عن محاكم ابتدائية منذ عام 2009 رفضت إدانة المثليين والعابرات/ين جندريا بموجب المادة 534".


قريبا.. مساءلة الوزير

حتى الآن ليس ظاهرا ما هي الحيثيات والأسس التي استند عليها مجلس شورى الدولة لاتخاذ قرار وقف العمل بقرار وزير الداخلية حول منع أي لقاء أو تجمع لأفراد مجتمع "الميم عين" في لبنان، كما يقول محافظ بيروت السابق القاضي زياد شبيب، الذي يضيف أنه بحسب القانون وتحديداً المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة، فإن الطعن بقرار اداري لا يوقف بحد ذاته تنفيذ القرار لأن هذا الأخير يتمتع بالمبدأ بما يسمى "قرينة الشرعية".


ويجوز لمجلس شورى الدولة بحسب ما يقوله القاضي شبيب لموقع "الحرة" "أن يقرر وقف تنفيذ ذلك القرار المطعون فيه إذا ما توفر شرطان اثنان هما: أن يكون الطعن بالقرار مستنداً إلى أسباب جديّة وهامة، وأن يكون من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه وقوع ضرر بليغ. وبالتالي فإن السؤال الجوهري هل هناك ضرر بليغ دفع مجلس شورى الدولة للذهاب بهذا الاتجاه؟ وبحسب ظاهر الحال لا يبدو الأمر كذلك".


يضيف "قرارات وقف التنفيذ الصادرة عن مجلس شورى الدولة هي قرارات مؤقتة أي أنها قرارات إعدادية وليست نهائية، إلا أنها ملزمة للإدارة وإذا اتخذت الأخيرة قرارات مغايرة فإنه يمكن للمعنيين والمتضررين منها الطعن بها كما طعنوا بالقرار السابق".


وعما إذا كان وزير الداخلية قد خالف القانون، يعلّق القاضي شبيب "إن الموقف الأساسي للوزير من النشاط الذي قرر منعه ينطلق من تطبيق مباشر وواضح لأحكام القانون اللبناني ومن الطبيعي ألا يسمح بممارسة نشاط يمنعه القانون بغض النظر عما إذا كان القانون منصفاً أم لا". 


أما بالنسبة إلى ما صدر عن الوزير بعد قرار مجلس شورى الدولة، فإن مولوي كما يقول محافظ بيروت السابق "قاض ولا شك أن بين يديه معطيات يستند إليها ومن المفترض أنه سيتقدم من مجلس شورى الدولة بطلب الرجوع عن قرار وقف التنفيذ وأنه سيضع المجلس فيما لديه من معطيات. عندها سيتم النظر فيما إن كان القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بمكانه أم لا، وقد بدا واضحاً وجود ردات فعل غير مؤيدة من قبل المجتمع اللبناني الذي بغالبيته تقليدي ومحافظ، كما أن التشريعات النافذة من بينها قانون العقوبات تنظر لهذه النشاطات بأنها مخالفة للقانون".


وافق لبنان خلال الاستعراض الدوري الشامل في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، عام 2021، على التوصيات لضمان الحق في التجمع السلمي والتعبير لأفراد مجتمع الميم، كما سبق أن صادق عام 1972 على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي ينص على أن لكل فرد الحق في حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات، وقد حظرت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية في تطبيق أي من الحقوق التي تحميها المعاهدة.


بما أن عمل النواب لا يقتصر كما تقول زرازير "على التشريع، بل يشمل كذلك المراقبة والمحاسبة، وإعطاء الحق لأصحابه"، فإنها ستتقدم بكتاب لمساءلة الوزير من أجل معرفة أسباب مخالفاته القانون" مشددة "نحن لسنا في دكان لكي يتعامل الوزير مع الأمور باستنسابية، حيث يقرر ما يحلو له ويمنع ما لا يعجبه".


ولا بد كما تقول جربوع، "من وقف استمرار الممارسات القمعية ومنع النشاطات المتعلقة بمجتمع الميم، كون ذلك سيؤدي إلى التعتيم على حقوق أفراده، وبالتالي عدم تسليط الضوء على مشاكلهم والتحديات التي يواجهونها، وحينها سيعيشون في حالة من الترهيب والخوف الدائم".

التعليقات

';


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

عالم محير 83

2016