حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تقرر تسليم عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات بعد توقيفه لمدة10 ايام
قررت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تسليم الشاعر المصري- التركي عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات عقب نحو 10 أيام من إيقافه في طريق عودته من سوريا إلى لبنان عبر معبر المصنع الحدودي بجواز سفره التركي.
قرار التوقيف جاء بسبب مقطع فيديو له انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتسبب في اعتقاله من قبل قوات الأمن اللبنانية بعد يوم واحد من نشره، بحسب محاميه وعائلته.
وأثار القرار انتقادات ومناشدات واسعة من العديد من المنظمات الحقوقية، وقال محامي الشاعر محمد صبلوح على حسابه على فيسبوك إنه بدأ إضرابا عن الطعام منذ مساء الثلاثاء احتجاجا على هذا القرار.
وبحسب تصريحات وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري لـ بي بي سي فإن محضر جلسة حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الذي خلص إلى تسليم القرضاوي إلى الإمارات استند إلى "أمر قبض دولي صادر عن النيابة العامة الاتحادية الإماراتية بتاريخ 29 ديسمبر كانون الأول عام 2024 معمم عنه أمر توقيف مؤقت صادر من مجلس وزراء الداخلية العرب بنفس التاريخ بطلب من الإمارات، يتهمه بنشر أخبار كاذبة و إشاعات عبر الانترنت من شأنها إثارة الرأي العام وتكدير الأمن العام"، في إشارة إلى فيديو القرضاوي الأخير.
مناشدات ومحاولات عديدة للإفراج عنه
وأضافت العريضة أن احتجاز يوسف "يمثل استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، ويُظهر توجهًا خطيرًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كأداة لقمع الحريات الأساسية وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم".
كما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها إن ترحيل القرضاوي إلى الإمارات ينتهك القوانين المحلية اللبنانية وواجبات لبنان الدولية بموجب "اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق عليها لبنان، حيث تنص المادة 3 من الاتفاقية على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (أن ترده) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
كما قالت، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، سارة حشاش في بيان رسمي للمنظمة "إن تسليم القرضاوي قسرًا إلى بلد يُرجَّح أن يواجه فيه الاضطهاد يشكل انتهاكًا صارخًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي".
من جهته أعرب مركز مناصرة معتقلي الإمارات الحقوقي، عن استنكاره الشديد لقرار مجلس الوزراء اللبناني، تسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات، مضيفا خلال بيان له أن "تسليم القرضاوي قد يعرضه لمصير مشابه لمئات معتقلي الرأي في الإمارات الذين يعانون من ظروف احتجاز قاسية تنتهك حقوقهم الأساسية".
وفي 3 يناير/كانون الثاني الجاري، قدم محاميه محمد صبلوح مناشدة عاجلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يطالبه فيها بوقف طلبَيْ التسليم الصادرَيْن عن مصر والإمارات العربية المتحدة، مطالبا بتسليمه إلى تركيا التي يحمل جنسيتها ويعمل ويعيش فيها، إضافة لجنسيته المصرية.
كما أرسلت أسرة القرضاوي في 5 يناير كانون الثاني الجاري خطابا رسميا إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، تطالبه فيه بالتدخل الفوري للإفراج عنه، وأنه تعرض للاحتجاز "بناء على اتهامات كيدية وأحكم قضائية ظالمة صدرت بحقه في مصر ".
طعن مرفوض وإصرار على التسليم للإمارات
وأضاف صبلوح أنه حاول قبل تقدمه بالطعن مقابلة القرضاوي مساء الثلاثاء من خلال إذن رسمي في مقر احتجازه لدى قوى الأمن الداخلي اللبناني، وانتظره لأكثر من ساعة دون جدوى، ثم شاهده مصحوبا بالأمن و7 سيارات للذهاب للأمن العام ثم إلى المطار لتسليمه للإمارات.
المحامي اعتبر كل الإجراءات التي تمت مع موكله "غير طبيعية وحرمته من أبسط مقومات حقوق الدفاع"، كما هاجم القضاء اللبناني، واتهم الحكومة اللبنانية بالتسرع في قرار ترحيله الذي وصفه ب "غير القانوني" خوفا من أي قرارات لاحقة قد تبين هذا القصور القانوني في قرارها.
واستنكر محامي القرضاوي سرعة قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي بتسليم موكله إلى الإمارات خلال عشرة أيام من توقيفه، قائلا إنها تثير علامات استفهام حول الفساد في الدولة اللبنانية، ومضيفا أن القرار لم ينشر حتى في الجريدة الرسمية، موضحا أن هناك آلاف السجناء في لبنان لم يتم البت في مصيرهم بمثل هذه السرعة.
واختتم صبلوح حديثه بالتأكيد على مواصلته العمل بالتعاون مع محامين آخرين حول العالم من أجل الإفراج عن القرضاوي، واللجوء للطرق القانونية المناسبة التي توضح فداحة ما قامت به الحكومة اللبنانية.
ما مدى قانونية قرار تسليم لبنان القرضاوي إلى الإمارات؟
ويوضح بودن أن القانون الدولي يكفل حرية الشخص في التنقل مهما كانت هويته إلا إذا كان مطلوبا على ذمة أحكام قضائية عادلة وثابتة ولا تمس حقوقه بأي شكل، وتتم عملية إيقافه وتسليمه دون هدف سياسي من خلال الشرطة الدولية (الإنتربول) التي تخضع كل الدول لها ولقانونها الدولي العام الذي يحمي الحريات.
ويستطرد بودن: ما حدث كان وفقا لاتفاقية سابقة تم إقرارها من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب تقضي بتبادل المطلوبين بين الدول العربية دون الاستعانة بالإنتربول، رغم عدم وجود اتفاق قضائي لتبادل المطلوبين بين لبنان والإمارات.
ويؤكد بودن على خطورة مثل هذا التصرف لإنه في رأيه يفتح الباب للمساس بحقوق المواطنين العرب وحرية تنقلهم بين الدول العربية من خلال استخدام هذا الاتفاقية العربية لأسباب سياسية.
ويطالب بودن بضرورة مراجعة هذه الاتفاقية لتكون مطابقة لاتفاقية الإنتربول، مضيفا أن هذا من مصلحة الدول العربية للحفاظ على أمنها لإن مثلا هناك الكثير من المجرمين الذين يمرون عن طريق الدول العربية ويقومون بأعمال تخريبية وإجرامية فيجب القبض عليهم من خلال الإجراءات القانونية التي ينظمها الإنتربول
ويرى بودن بخصوص ما رآه البعض سرعة من قبل لبنان في البت في طلب تسليم القرضاوي إلى الإمارات إن سرعة الإجراءات ليست الفيصل وإنما المهم هو مدى احترام إجراءات الإنتربول التي لم تتم من الأساس، والتي تشمل تسلم طلب ضبط الشخص وبحثه لبيان ما إذا كان مبني على أسباب سياسية أم أسباب قانونية أم أنه قام بجرائم ضد القانون الدولي
من جهته قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري إنه بحسب محضر جلسة الحكومة اللبنانية فإن قرارها بتسليم عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات ليس سياسيا، وإنما استند إلى أن التهم الموجهة إليه من النيابة الاتحادية الإماراتية مجرمة أيضا في القانون اللبناني، لذلك اعتمدت الحكومة اللبنانية مبدأ المعاملة بالمثل ووافقت على تسليم القرضاوي إلى الإمارات