
من التلاحم إلى الانقسام: الجيوش العربية بين مجد الأمس وواقع اليوم
عرفت الأمة العربية عبر تاريخها الحديث لحظات نادرة من التلاحم العسكري والوحدة المصيرية تجلت أروع صورها في مواقف مشتركة خلدها التاريخ، حين توحّد الدم العربي في مواجهة أعداء الأمة.
لكن المشهد اليوم يبدو مختلفًا؛ إذ تحوّل التنسيق والتعاون إلى خلافات سياسية وصراعات إقليمية أضعفت الجيوش، وأبعدتها عن هدفها الأسمى: الدفاع عن الكرامة العربية.
🏹 **صفحة مشرقة من التاريخ العربي المشترك
من أبرز محطات الوحدة العسكرية التي ما زالت عالقة في ذاكرة الأمة:
🔸 **حرب أكتوبر 1973 (رمضان 1393 هـ)
تلك الحرب التي خاضتها مصر وسوريا يدًا بيد ضد الاحتلال الإسرائيلي، كانت ذروة التضامن العربي.
سجّل فيها الجندي العربي بطولات نادرة، ووقفت الدول العربية الأخرى — من الخليج إلى المغرب — **بصف واحد دعمًا سياسيًا واقتصاديًا**، حتى تحولت المعركة إلى **رمز للنخوة والكرامة**.
النفط العربي في تلك المرحلة استُخدم كسلاح سياسي فعال، ما أبرز **قوة الموقف العربي الموحد** في وجه الضغوط العالمية.
🪖 **حروب أخرى جمعت الصف العربي
**حرب فلسطين 1948:** رغم حداثة استقلال الدول العربية آنذاك، إلا أن جنودًا من مصر والعراق وسوريا والأردن قاتلوا معًا دفاعًا عن أرض فلسطين.
**العدوان الثلاثي 1956:** حين تعرضت مصر لهجوم بريطاني فرنسي إسرائيلي، كان **الشارع العربي كله كتلة واحدة** ترفض العدوان وتقف مع القاهرة.
**حرب الاستنزاف (1967–1970):** مثال آخر على استمرار روح المقاومة والتكاتف رغم الجراح.
💔من الوحدة إلى الانقسام
لكن ما لبثت تلك الروح أن تراجعت مع مرور الزمن، إذ بدأت المصالح السياسية والاقتصادية تمزّق النسيج العربي المشترك.
تحوّلت بعض الجيوش إلى **أدوات لخدمة أنظمة أو أحزاب**، بدل أن تكون حامية للأمة.
وبات التنسيق العسكري العربي **شبه معدوم**، فيما تصاعدت **التحالفات الضيقة** التي تخدم مصالح خارجية أكثر من القضايا القومية.
⚠️ **الواقع المزري للجيوش اليوم**
اليوم نرى جيوشًا عربية تواجه** أزمات داخلية** وحروبًا بالوكالة** **وانقسامات** تعصف بها من الداخل.
بعض الدول **تقاتل نفسها**، وأخرى **تستعين بقوات أجنبية** لحماية أراضيها، فيما بقي العدو الحقيقي بعيدًا عن أي مواجهة.
إنها **صورة مؤلمة لعصرٍ غابت فيه البوصلة العربية** التي كانت توجّه السلاح نحو من يستحق.
🕊️ أمل رغم الانقسام
ورغم هذا الواقع القاسي، لا تزال هناك **جذوة من الأمل**، فالجندي العربي ما زال يحمل في قلبه حب الوطن، والقدرة على التضحية متى ما وُجدت القيادة المخلصة والرؤية الواحدة.
التاريخ أثبت أن الوحدة العسكرية ممكنة متى ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية، وأن الشعوب العربية ما زالت تتوق إلى يومٍ ترى فيه جيوشها مجتمعة من جديد تحت راية العروبة والكرامة.
🪶 الخاتمة
بين مجد الأمس وتشتت اليوم، تظل الجيوش العربية مرآةً صادقة لواقع الأمة بأكملها فكما وحّدها الهدف يومًا، فرّقها الخلاف لاحقًا.
لكن يبقى الأمل في جيل جديد يعيد صياغة مفهوم "الجيش العربي" على أسس من الكرامة والوحدة والسيادة الحقيقية لا على التبعية والفرقة.