
القضيه الفلسطينية / واتهامات بيعها والمتاجرة بها
بعد الكلمة التي ألقاها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ابومازن تباينت آراء الناس واختلفت ، فقد رآها الكثيرين انها حملت تهجما غريبا ومستنكرا على المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج ووصفتهم بأوصاف فيها الكثير من الحجود ونكران الجميل.
ورآها اخرون عكس ذلك وأيدوها بقوة ونزلوا الى الشوارع قبل ان تلقى وبعد أن القيت واحرقوا في تظاهراتهم صورة الملك محمد بن سلمان والعلم السعودي وصورة ولي العهد الاماراتي الشيخ محمد بن زايد وعلم الامارات .
واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بالرد على كلمة ابومازن فبين مؤيد لما قاله ومعارض له دارت تلك الردود واحتدم النقاش ودخل على الخط مثيروا الفتن الذين يحبون الصيد في الماء العكر والحصول على مكاسب ولو كانت في العالم الافتراضي .
فالمؤيدين رأوا ان التطبيع مع اسرائيل الذي بدأته الامارات سيشمل باقي دول الخليج بإستثناء قطر التي بدأته من فترة طويلة وهي مستمره في ذلك رغم إبدائها غير ذلك .
وكما قال ابومازن بأن التطبيع هو بيع للقضيه الفلسطينية قال اولئك المؤيدين مثله واعتبروا التقارب الاماراتي الاسرائيلي ورد الفعل السعودي الذي اعتبروه راضيا عن هذه الخطوه سيضيع حقوق الفلسطينين الذين قدموا الشهداء تلو الشهداء من اجل فلسطين والقدس والاقصى .
ونسي هؤلاء ان الاقصى وفلسطين هم للأمة كلها ولن يغير تطبيع هذه الدولة او تلك مع الكيان الصهيوني شيئا بشأنه ، ولو طبعت اغلب الدول العربية سيظل محتوما على الفلسطينين مجابهة اليهود والتمسك بالأرض والمقدسات وهذا ما قدره الله عليهم .
وهل تطبيع الامارات الذي قيل انه من اجل ايقاف التمدد الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وايقاف ضم اجزاء اخرى من الضفة الغربية يعتبر بيعا للقضيه الفلسطينية في نظر السلطة ؟
ولماذا لم يتم الاعتراض على الاتفاقيات التي كانت قبل ذلك من دول اخرى غير هذه الدول ؟ أم أن الاهمية التي تحظى بها دول الخليج عامة و المملكة العربية السعودية خاصة وثقلها الديني والسياسي والاقتصادي على مستوى العالم و المنطقة كان السبب الرئيسي في ذلك ؟
واما المعارضين لكلمة عباس فقد دافعوا بقوة عن المملكة العربية السعودية التي قالوا انها ومنذ بداية الازمة الفلسطينية مع وعد بلفور المشؤوم لم تتوقف المملكة وامرائها عن المناشدة والمطالبة بحق الفلسطينين بتكوين دولتهم وعاصمتها القدس .
وقاموا بما هو اكثر من ذلك فقد شاركوا بجانب اخوانهم الفلسطينين في كل محنهم التي مروا بها ودائما ماكان شعار " فلسطين قضيتنا الاولى " يميز كل اللقاءات والقمم التي تعقد في السعودية .
بعكس ما نجده من بعض الشخصيات التي تعتبر قياديه ولها وضعها ووزنها وهي تهاجم السعوديه وتؤيد كل من يهاجمها مثل ايران واذنابها الحوثيين وحزب الله العراقي وغيرها من الفصائل المعادية لبلاد الحرمين .
ولن يستطيع أحدا ان ينكر وقفة الملك فيصل البارزة وبكائه حزنا على انتهاكات اليهود واحتلالهم للقدس وتدنيسهم للمقدسات الاسلامية فهل مثل هذا الموقف ينكر ؟!
وهل يستطيع عباس والمجتمعين معه ان كانوا يذكرون الدور السعودي البارز الذي قامت به المملكة من اجل لم الشمل الفلسطيني وتوحيد الصفوف والكلمة من اجل مواجهة العدو الاسرائيلي باسم الدولة الفلسطينية وليس بإسم قطاعات ومناطق مختلفه ومتناحره .
ورد بعض المغردين على الاتهامات بقولهم ان السلطه والفصائل الفلسطينية هي التي تتاجر في القضيه الفلسطينية والضحيه هي هذا الشعب الذي ضاع بين هذين الفريقين اللذان يبحثان عن مصالحهما من دون النظر الى باقي الامور .
وقد استدل بعض المغردين بصور لبعض القيادات وهي تستمتع بحياة رغيدة في قطر وتركيا وغيرها من دول العالم وفي الجانب الاخر يقبع اهل غزة تحت حصار مميت مستمر أصبح الموت فيه شبح يخيم على القطاع ويستعد لحصد الارواح .
ولا يمكن لأي عاقل ان ينكر ما تم ذكره فهنالك أدلة وشواهد على ان البعض اصبحت له القضيه الفلسطينية مصدر للتكسب والتربح وأصبحت القدس لا تعنيه .
وباتت الصفقات والتعاقدات التي كانت تحدث مع الاسرائيلين سابقا تحت الطاولة وخلف الابواب المغلقه علنيه ومكشوفة للجميع ياترى ماهي اسباب التغير المفاجئ ؟ وهل القتاء المصالح يزيل كل المحظورات ويجعلها مباحه ؟
وهنالك سؤال وجهه بعض المغردين عبر تطبيق تويتر لأبومازن يتعلق بالسلطة الفلسطينية التي قال رئيسها الراحل ياسر عرفات رحمه الله أن الملك فيصل رحمة الله هو من مهد لقيامها وعمل جاهدا لتقوية أركانها فهل يعقل أن ينسى هذا الموقف التي جعل للفلسطينين كيان يتحدث بإسمهم في كل المحافل الدولية ؟!
ان حديث ابو مازن والحامد يشعرك أن القضيه الفلسطينيه بكل ما فيها من تعقيدات فلسطينيه داخليه وخارجيه شأن خليجي بحت ومسؤوليه تقع على عاتق هذه الدول وخاصة المملكة العربية السعودية التي هوجمت بشراسة وقوة وهي السند والمعين .
جميع المتابعين للشأن الفلسطيني يعلم حجم الاختلاف والشقاق الموجود بين الفلسطينين انفسهم ويعرف ايضا العدد الكبير من الدول التي تدخلت وتوغلت بين الفلسطينين ووضعت أجنداتها لمن تبعوها وعقدت المشهد في الاراضي الفلسطينية اكثر مما كان عليه .
ولذلك فإنه من الظلم والاجحاف ان نلقي اللوم على بعض الدول وننسى انفسنا ونحن من يطبع مع اليهود على مرأى ومسمع من العالم والشعب الفلسطيني يعرف كيف تسير الامور في بلده ، وهنالك معارضين كثر للسلطة وسياستها وحماس وغيرها ومن الفصائل ولكنهم يفضلون السكوت والرضى بالحياة الصعبه على الكلام الذي قد يعرضهم للموت والاعتقال والتنكيل .
وانتشر وسم # باعوا الكظيه وشتمونا في تويتر بشكل كبير وفيه دلاله على ان السلطه ومن معها هي التي باعت القضيه الفلسطينية قبل ذلك وتاجرت بها وبدأت بشتم غيرها والتعرض له .
كما وصف البعض ان سبب التهجم هو انزعاج السلطة من الدور الذي قد تلعبه الامارات بين اسرائيل والفلسطينين والذي قد تلغي بسببه الدور التركي والقطري الفاعل على الاراضي الفلسطينية .
خطاب عباس وردود الافعال التي ظهرت والتي ستظهر قد يتسبب بأزمة كبيرة بين دول الخليج وعلى راسها المملكة العربية السعودية التي تعتبر الداعم الاول للشعب الفلسطيني وبين السلطة الفلسطينية بقيادة ابومازن .
ونحن نرجو ان يتم تحكيم العقل والمنطق في كل شيء حتى لا تكون الخسائر كبيره وحتى لا نترك المجال للكيان الصهيوني ليقوم بكل ما يريده ويحكم قبضته على كل مفاصل الحياة في فلسطين الحبيبة .
ولا يمنع ان يلتقي الاخوة للحوار وايضاح وجهات النظر وتبادل الاراء والبحث عن الحلول مع احترام خصوصيه كل منهم في بلده بدلا من التصرف بدون اتزان وترك العدو يتفرج على الخلافات وهو في غاية السعادة والانبساط .
ورسالة اوجهها للشعب الفلسطيني الصامد ليس في مصلحتكم الانضمام للمعسكر الذي يدعو لعداء دول الخليج والانظمة الحاكمة فيها واخشى ان يتطور الخلاف ويؤثر سلبا على الجالية الفلسطينية الكبيرة التي تعيش في تلك الدول ويتم ادخالهم في امور هم في غنى عنها كما حدث قبل ذلك للبنانيين بسبب تصرفات ومغامرات حزب الله ..
وقد تزج شعوب دول الخليج في هذا الخلاف ان تصاعدت ناره حيث ستهب للدافع عن دولها وتصد عنه الهجمات الموجهه له كما فعلت بالتغريدات عبر تويتر ، وكل ما حدث وسيحدث يصب لصالح اعداء الامة والمتربصين بها.
نحن في امس الحاجه وان اختلفنا في تصرفاتنا وعلاقاتنا الى التكاتف والتلاحم ونبذ الخلاف وان لم يعجبني تصرف من اخي في بيته فلا يحق لي سوى نصحه وتوجيهه والجلوس معه لعل ذلك يعيده الى صوابه اما العداء والهجر له والتشكيك في اخوته وحرصه فقد يؤدي الى نتائج وخيمه لا تحمد عقباها .
وكما يقول المثل المشهور: (اللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجارة) .