من هو جنشيتسو سن صاحب رسالة «السلام من خلال كوب شاي»؟
مثل الدكتور الياباني جنشيتسو سن رمزاً للتعارف بين الحضارات والثقافات، بعدما اشتهر بتقديمه الشاي التقليدي الياباني «سادو» إلى قادة وملوك العالم، مؤسساً لفلسفة «السلام من خلال كوب شاي»، طوال حياته التي امتدت 102 عام.
وتعتبر المراسم التقليدية لتحضير وتقديم الشاي الياباني قضية تفاعل وتبادل روحي بين البشر، أي بين صاحب البيت والضيوف حيث الاستغراق بكامل الحواس في إيجاد مناسبة الهدف منها تحقيق الاستمتاع الجمالي والفكري والجسدي وصفاء الذهن للضيوف مع الشعور بالسلام ليتحول العالم من حولك إلى مكان للسعادة الحقيقية.
طيار كاميكازي
وولد جنشيتسو سن في كيوتو اليابانية في العام 1923، وفي عام ١٩٤١، التحق بجامعة دوشيشا، في نفس الوقت الذي شنت فيه اليابان الحرب على الولايات المتحدة، وبعد عامين كان من بين ١٠٠ ألف طالب جُنّدوا للقتال. وخلال تلك الفترة تدرب سن ليصبح طياراً كاميكازي، لكن الحرب انتهت قبل أن ينفذ مهمته.
وبدأت علاقة سن بـ«سادو» عندما كان عمره ست سنوات، إذ بدأ في تلك الفترة تلقي دروس ليصبح معلماً كبيراً في تقديم الشاي الياباني.
وخلال الحرب، أحضر سن معه معدات الشاي، وقدّم شاي وداع لمجموعة من زملائه المتدربين قبل مهمتهم.
السلام من خلال كوب شاي
وبصفته أحد الناجين من مهمة «كاميكازي» خلال الحرب، والتي شهدت خلالها انطلاق العديد من زملائه الطيارين في رحلات ذهاب فقط، كرس سن حياته لمناهضة الحرب، وروج «للسلام من خلال كوب من الشاي».
وقال سن في تصريحات له: «تقديم الشاي يجلب السلام للجميع. إذا شعر الجميع بالسلام، فلن تكون هناك حرب».
أصبح سن الأستاذ الأكبر الخامس عشر لمدرسة «أوراسينكي» لحفلات الشاي اليابانية في العام ١٩٦٤. وتُعد «أوراسينكي» واحدة من ثلاث مدارس مرموقة تأسست في أوائل القرن الـ 17 خاصة بالشاي الياباني.
رسالة عالمية مناهضة للحرب
وعلى مدار حياته، أقام سن حفل الشاي أكثر من ٣٠٠ مرة في ٧٠ دولة للترويج لفن «سادو»، «للسلام من خلال كوب من الشاي»، ناشراً رسالته المناهضة للحروب عبر العالم.
وأقام سن مراسم شاي للدعاء من أجل السلام في السنوات المهمة التي تُشير إلى نهاية الحرب، وفي عام ٢٠١١، قدّم الشاي في النصب التذكاري لسفينة «يو إس إس أريزونا» في هونولولو، هاواي، تكريماً لأرواح ضحايا الهجوم الياباني على بيرل هاربور في ٧ ديسمبر ١٩٤١.
تفاعل روحي بين البشر
ويعود تاريخ شاي «سادو» إلى عصور اليابان القديمة، ولايزال محفوراً في ثقافتهاعبر اهتمام الأجيال بتوارثه، ونقله الى المهتمين والأسر اليابانية كتقليد تراثي يجسد ضيافة الشاي الممزوجة بالصفاء الروحي والجمالي.
وتعتبر «سادو» قضية تفاعل وتبادل روحي بين البشر – أي بين صاحب البيت والضيوف، حيث الاستغراق بكامل الحواس فى إيجاد مناسبة الهدف منها تحقيق الاستمتاع الجمالي والفكري و الجسدي و صفاء الذهن للضيوف مع الشعور بالسلام والنوايا الحسنة ليتحول العالم من حولك الى مكان للسعادة الحقيقية.