المدينة التي نامت على وعدٍ لم يتحقق -->
عالم محير 83 عالم محير 83

المدينة التي نامت على وعدٍ لم يتحقق

المدينة التي نامت على وعدٍ لم يتحقق

المدينة التي نامت على وعدٍ لم يتحقق


في منتصف الليل، كانت المدينة تغفو على ضوء مصابيح الشوارع الخافتة، بينما ظلت “سارة” تتأمل من نافذتها البعيدة شارعًا كانت تمشي فيه كل صباح، قبل أن تتغير الملامح… وقبل أن يتغير الناس.


تذكّرت سارة كيف كانت مدينتها تضج بالحياة، الأسواق تبتسم، والوجوه تعرف بعضها.


لكن الحرب مرّت من هنا ذات عام، لم تترك قنابل فقط، بل تركت صمتًا ثقيلًا لا يزول.


صار الناس يمشون وكأنهم يعتذرون للحياة عن بقائهم فيها.


كان الأطفال يلعبون في الأزقة لكن بعيون تترقب السماء، والكهول يروون قصص السلام كما لو كانت أسطورة من زمن بعيد.


في يومٍ ما، اجتمع سكان الحي ليعيدوا بناء المدرسة الصغيرة التي تهدمت.


جاء الجميع يحملون حجارة، وذكريات، وأملًا متعبًا.


كانوا يعملون بصمت، كأنهم يخافون من أن يسمعهم الغياب فيعود.


لكن رغم التعب، كانت هناك طاقة عجيبة تشعّ من عيونهم، طاقة اسمها الإصرار على الحياة.


عند الغروب، حين انتهوا، جلست سارة على عتبة المدرسة المرممة وقالت:


 "ربما لم يتحقق الوعد بالسلام بعد، لكننا ما زلنا نزرع الأمل بين الركام."


ابتسم رجل مسن بجوارها وقال:


"الوعد لا يموت يا ابنتي، نحن فقط نتعب من انتظاره."


تحليل رمزي:


تلك المدينة ليست مكانًا محددًا، إنها صورة من مدننا العربية التي تعبت من الصراعات.


الوجوه التي تعيش على أملٍ مؤجل هي وجوه شعوبٍ ما زالت تقاوم بحلمٍ لا يموت.


إنها دعوة للوعي بأن السلام لا يُمنح، بل يُبنى من الداخل، من الإصرار على الاستمرار رغم كل شيء.


نامت المدينة تلك الليلة على وعدٍ لم يتحقق، لكن في قلب كل إنسان كان ينبض وعدٌ آخر:


أن الصباح قادم، وأنه مهما طال الليل، ستشرق الشمس على الجدار ذاته الذي كتب عليه الأطفال يومًا كلمة “سلام”.

التعليقات

';


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

عالم محير 83

2016