
هل تستمر الهدنة؟ وما هي الخطط التالية لغزة وأهلها؟
غزة الآن بين نقطة فاصلة في تاريخها الحديث؛ فبعد أشهر من القصف والمعاناة والنزوح، جاءت الهدنة كجرعة أمل مؤقتة أوقفت نزيف الدم، لكنها لم تُنهِ الجرح المفتوح.
يتساءل الفلسطينيون ومعهم العالم:
هل ستكون هذه الهدنة بداية لاستقرار طويل المدى، أم مجرد استراحة قصيرة قبل جولة جديدة من الصراع؟
بين السياسة والميدان: توازن هش
الهدنة الحالية جاءت بعد ضغوط إقليمية ودولية كبيرة، ومحاولات متواصلة من دول عربية — وعلى رأسها مصر وقطر — لإعادة ضبط الموقف وفتح مسارات للحوار.
لكن الميدان ما زال هشًّا، فكل طرف يترقب الآخر:
-
إسرائيل تسعى لتثبيت مكاسبها الميدانية والسياسية.
-
الفصائل الفلسطينية تؤكد أن أي تهدئة لا تعني الاستسلام، وأنها سترد على أي خرق.
-
الوساطات العربية والدولية تحاول الموازنة بين حفظ ماء الوجه لكل طرف، وتجنب انفجار جديد.
غزة بعد الهدنة: إلى أين؟
غزة اليوم أمام تحديات معقدة تتجاوز مسألة وقف إطلاق النار:
-
إعادة الإعمار: آلاف المنازل والمباني تحتاج إلى إعادة بناء، في ظل ضعف التمويل وتعقّد الإجراءات.
-
الوضع الإنساني: يعاني السكان من نقص حاد في الماء والكهرباء والدواء، رغم دخول المساعدات المحدودة.
-
الوحدة السياسية: ما زالت الخلافات بين الفصائل الفلسطينية تُضعف أي جهد لإدارة المرحلة القادمة.
-
الدور الإقليمي: دول الجوار، خاصة مصر، تعمل على خطة لإعادة إعمار غزة مقابل ضمانات أمنية بعدم التصعيد.
التحركات الدولية القادمة
تسعى عدة أطراف دولية — من بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي — إلى رسم خريطة طريق جديدة للمنطقة، تتضمن:
-
دعم مشاريع إنسانية عاجلة لإغاثة الأهالي.
-
إطلاق مفاوضات غير مباشرة حول الأسرى والحدود.
-
محاولة إدخال غزة في مسار سياسي أشمل يربط بين الإعمار والاستقرار.
لكن كل هذه المبادرات مرهونة بصبر الميدان، فكل خرق أو عملية عسكرية جديدة قد تعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
أصوات من غزة
رغم الألم، ما زال صوت الأمل حاضرًا في الشارع الغزي، حيث يقول أحد السكان:
"نريد فقط أن يعيش أطفالنا يومًا دون خوف. الهدنة ليست سلامًا، لكنها فرصة للحياة."
هذه الجملة تختصر مشاعر الملايين، الذين لا يريدون سوى هدوءٍ يحفظ كرامتهم ويمنحهم مستقبلًا يليق بتضحياتهم.
هل تستمر الهدنة؟
الجواب الأقرب للواقع: تعتمد على النوايا والضمانات.
فإن وُجدت إرادة سياسية حقيقية، يمكن أن تتحول الهدنة إلى مرحلة انتقالية نحو الاستقرار.
لكن إذا بقيت الحسابات الضيقة هي الحاكمة، فستبقى غزة تعيش بين هدنة وأخرى، بينما يدفع الأبرياء الثمن.
الهدنة الحالية هي نافذة صغيرة في جدارٍ من المعاناة، قد تتسع إذا وجدت من يرعاها بصدق.
غزة اليوم لا تحتاج إلى بيانات سياسية بقدر ما تحتاج إلى فعلٍ إنساني جاد، يعيد بناء ما دُمر ويمنح أهلها حقهم في الأمان والكرامة.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل سيتعلم العالم من دروس الدم والدمار، أم أن غزة ستُجبر مرة أخرى على دفع الثمن وحدها؟