الفاشر تحت سيف الدم: تحقيق شامل في جرائم قوات الدعم السريع في شمال دارفور -->
عالم محير 83 عالم محير 83

الفاشر تحت سيف الدم: تحقيق شامل في جرائم قوات الدعم السريع في شمال دارفور

 

الفاشر تحت سيف الدم: تحقيق شامل في جرائم قوات الدعم السريع في شمال دارفور

الفاشر تحت سيف الدم: تحقيق شامل في جرائم قوات الدعم السريع في شمال دارفور



في قلب منطقة دارفور، تقع مدينة الفاشر التي باتت عنواناً للمأساة والخراب. مع بدء النزاع بين قوات الدعم السريع (RSF) والقوات المسلحة السودانية في أبريل 2023، تحوّلت الفاشر إلى ساحة حرب مفتوحة، يُقتل المدنيون، تُنهب الأسواق، ويُقطع وصول المساعدات الإنسانية. هذا التحقيق يوثّق كيف تحوّلت المدينة إلى «ساحة قتل ميدانية»، ويكشف الأهداف الكامنة وراء هذه الممارسات، ويعرض توصيات عاجلة للردّ عليها. (المصادر: Al Jazeera، Washington Post، خبراء حقوق الإنسان) 


لمحة عن الفاشر

تاريخ المدينة ودورها

الفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، ومنذ عشرات السنوات مركز إداري وتجاري مهم في الإقليم، فتحتوي على تجمعات سكانية كبيرة، أسواق نشطة، ومواقع استراتيجية. نظراً لموقعها الجغرافي، فإنها تشكّل مفترق نقل وإمداد بين غرب السودان وجنوبه.


واقع السكان ومخيمات النزوح

قبل التصعيد الأخير، كانت الفاشر تستضيف عدداً كبيراً من النازحين داخلياً، في مخيمات مثل مخيم زمزم ومخيم أبو شق. مع الحصار والهجمات المتكررة، أصبح أكثر من 260000 مدني، نصفهم تقريباً من الأطفال، محاصرين داخل المدينة تحت ظروف إنسانية قاسية. 


من هم قوات الدعم السريع؟

النشأة والهيكل

قوات الدعم السريع بدأت كميليشيا مدعومة حكومياً، تطوّرت لاحقاً إلى قوة شبه رسمية ذات تأثير واسع، خصوصاً في دارفور. انتشرت قواتها وتمكّنت من السيطرة على مناطق كبيرة.


التورّط في دارفور

في دارفور، يُنظر إلى قوات الدعم السريع على أنها خليفة لما عرف بـ«الجنجويد» التي ارتكبت جرائم واسعة في بدايات النزاع في الإقليم. النصوص الحقوقية تربطها بعمليات استهداف ممنهجة للمدنيين. 


الانتهاكات الموثقة في الفاشر

الإعدامات الميدانية والاختطافات

بحسب بيان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فقد ارتُكبت في الفاشر «إعدامات موجزة» لمدنيين أثناء محاولتهم الفرار. 

الاعتداءات الجنسية والاغتصاب

تقارير منظمات حقوقية تشير إلى أن نساءً ونازحات تعرضن لاعتداءات جنسية أثناء الهجمات على مخيمات النزوح. (تم توثيقها ضمن تحليلات ميدانية) 


التدمير ونهب البنية التحتية

تمّ استهداف المستشفيات، الأسواق، المخيمات، ومنها المستشفيات التي كانت الوحيدة القادرة على التعامل مع الجرحى — فمثلاً اختُرقت وحدات طبية في الفاشر وأُوقفت عن العمل بعد هجمات RSF. 


الحصار وحرمان المساعدات الإنسانية

تقرير للأطفال من اليونيسيف يقول إن الفاشر أصبحت «مركزاً لمعاناة الأطفال» بسبب الحصار وفقدان الوصول للمساعدات الغذائية والطبية. 


مجرمو الدعم السريع – من هم؟

المقصود بالمجرمين هم القادة والوحدات في قوات الدعم السريع التي تورّطت في ارتكاب الانتهاكات، وليس كل منتسبي القوة تلقائياً. هذه الوحدات تنفّذ عمليات القتل، الاختطاف، التدمير بشكل منهجي وغالباً تحت غطاء عسكري. التقارير الحقوقية تؤكد أنّ من الأهداف الرئيسية لهذه الوحدات هو خلق سيطرة وحالة تفوق للمكان. 

ماذا يريدون؟ دوافع الأفعال وأهدافها


السيطرة الإقليمية والهيمنة

استيلاءهم على مدينة مثل الفاشر يعني ضمّ مسار إمداد مهم، بالإضافة إلى ورقة ضغط سياسي كبيرة. Washington Post أوضحت أن دخول RSF إلى الفاشر «سيحوّل تقسيم السودان الافتراضي إلى واقع». 


تغيير التوازن الديموغرافي

تحليلات تقترح أن الاستهداف الممنهج لمجموعات معينة (ديموغرافياً أو قبلياً) في الفاشر يعكس هدفاً لتفريغ مناطق من سكانها الأصليين وتهجيرهم، ما يمثّل نمطاً من أنماط التطهير العرقي. 


المنفعة الاقتصادية والنهب

فرض السيطرة على أسواق المدينة وممرّات الإمداد يعني أيضاً السيطرة على موارد تجارية ونهبها، ما يعزّز التمويل الذاتي لهذه الميليشيا. تقارير أوردت أن نهب الأسواق والمخازن كان جزءاً من الهجمات. 


رسائل ردع والمعارضة المحلية

إعدام أو اختطاف قادة مجتمع محلي أو ناشطين يهدف إلى ترويع السكان المحليين وكسر مقاومتهم، وإرسال رسالة بأن من يقاوم سيدفع ثمناً باهظاً. (تحليلات حقوقية معاصرة) 



الآثار والنتائج الإنسانية

النتيجة الأكثر وضوحاً: تزايد النزوح الجماعي، انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، غياب الأمن الغذائي. اليونيسيف تشير إلى آلاف الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد داخل الفاشر. 

مجرد أمثلة: أكثر من 91 مدنياً قُتلوا في العشرة أيام الأخيرة في الفاشر نتيجة هجمات RSF. 

أيضاً، أُغلِق مستشفى رئيسي في الفاشر نتيجة هجوم RSF، ما زرع حالة من الفوضى الصحية في المدينة. 


المساءلة القانونية والدعوات الدولية

المنظمات الحقوقية تطالب بتحقيقات مستقلة عاجلة، وتُشير إلى ضرورة محاكمة الأفراد المتورطين كمجرمين حرب وجرائم ضد الإنسانية. أيضاً، تزايد الدعوات لفرض حظر على تصدير أسلحة لطرفي النزاع. 

على المستوى الدولي، يُنظر إلى الفاشر وما يحدث فيها كاختبار لقدرة المجتمع الدولي على التصدي لجرائم جماعية في القرن الواحد والعشرين.


توصيات واستنتاج

يجب فتح تحقيق دولي مستقل وشامل في الانتهاكات في الفاشر، ضمن إطار المحاسبة الدولية.


ضمان ممرّات إنسانية آمنة وغير مقيدة لإدخال الغذاء والدواء للمحاصرين.


فرض حظر تصدير أسلحة ذكية إلى الجهات التي تُستخدم لارتكاب جرائم أمام المجتمع الدولي.


دعم منظمات حقوق الإنسان والشهود لجمع الأدلة وسيادة العدالة.


إعلام حقيقي وشفاف لحالة الفاشر ورفع الوعي العالمي بما يجري، لمنع تكرارها في أي مكان آخر.


خاتمة

إن ما يجري في الفاشر ليس مجرد حرب طاحنة، بل يشكّل تحوّلاً مرعباً في طبيعة النزاع: من صراع مسلّح إلى حملة ممنهجة ضد المدنيين العزل. عندما تُستخدم القوة لتدمير البشر، ليس فقط الخصم العسكري، بل السكان المدنيون، فإننا أمام ما يمكن تسميته بجرائم جماعية. التحقيق والمساءلة اليوم هما الطريق الوحيد لاستعادة بعض العدالة ومنع استمرار هذه المأساة.

التعليقات

';


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

عالم محير 83

2016