"الخط الأصفر" في غزة: تقسيم جديد يعمّق مأساة العائدين إلى الركام -->
عالم محير 83 عالم محير 83

"الخط الأصفر" في غزة: تقسيم جديد يعمّق مأساة العائدين إلى الركام

 

"الخط الأصفر" في غزة: تقسيم جديد يعمّق مأساة العائدين إلى الركام

"الخط الأصفر" في غزة: تقسيم جديد يعمّق مأساة العائدين إلى الركام

يسود الهدوء المشوب بالخطر شوارع مخيم جباليا، الذي كان يُعد الأكثر اكتظاظاً بالسكان في شمال قطاع غزة. فالحياة لم تعد كما كانت، والسبب لا يقتصر فقط على الدمار الهائل، بل يتعداه إلى واقع جديد تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي.

رغم مرور أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار، تظهر المشاهدات والشهادات من شمال غزة أن قوات الاحتلال لم تلتزم بخرائط الانسحاب المتفق عليها. وبدلاً من التراجع الكامل إلى شرق المخيم، أقامت القوات حداً فاصلاً أطلقت عليه "الخط الأصفر" يمر في قلب المخيم، ليصبح هذا الخط عقبة تمنع آلاف الأسر النازحة من العودة إلى منازلها.

تهديد دائم وخروقات متواصلة

يفرض "الخط الأصفر" حصاراً جديداً داخل القطاع، إذ يمنع فعلياً أكثر من نصف سكان محافظة شمال غزة (التي تشمل جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون) من مجرد الوصول إلى أحيائهم. ويترافق هذا التقسيم مع تزايد ملحوظ في خروقات وقف إطلاق النار.

أما أولئك الذين تمكنوا من العودة ليقيموا خياماً فوق أنقاض منازلهم المدمرة، فيعيشون واقعاً مرعباً. فلا يزال إطلاق النار متواصلاً من الآليات العسكرية الإسرائيلية، وتحوم طائرات "كوادكوبتر" المسيرة فوق رؤوسهم بشكل دائم. ورغم هذا الخطر المحدق، يتمسك العائدون بأمل أن يتراجع الجيش الإسرائيلي إلى الحدود المتفق عليها مع بدء المرحلة الثانية من الاتفاق.

شهادة من قلب الخطر

أركان فارس هو واحد من العائدين إلى بقايا منزله المدمر قرب وسط مخيم جباليا. لا تفصله سوى 300 متر عن "الخط الأصفر"، وهو ما يضعه في حالة توتر دائم.

يروي فارس أنه يضطر للسير بمحاذاة ما تبقى من الجدران خشية الرصاص العشوائي الذي يطلقه الجنود. ومع حلول المساء، يلتزم منزله المدمر مبكراً، حيث يزداد نشاط قوات الاحتلال ليلاً، وتواصل نسف المباني المتبقية في المناطق التي تسيطر عليها.

ويضيف فارس بحسرة أنه يحاول كل صباح الوصول إلى منزل والده، الذي لا يبعد سوى 500 متر، لكنه يفشل في كل مرة بسبب وقوع المنطقة تحت مرمى النيران المباشر للاحتلال، الذي أحكم سيطرته النارية على المخيم (البالغ مساحته 1.4 كيلومتر مربع وكان يأوي 120 ألف لاجئ).

ابتلاع الأرض وتدمير الحياة

أظهرت المشاهدات الميدانية خلو وسط مخيم جباليا، المركز التجاري والسكاني السابق لشمال غزة، من المارة تماماً، إلا من قلة تحاول عبور الطريق مسرعة.

ولا يقتصر الخوف والسيطرة على جباليا وحدها. فبحسب بيانات الهيئات المحلية، يسيطر "الخط الأصفر" على مساحات شاسعة من محافظة شمال غزة (البالغة 61 كيلومتراً مربعاً):

  • جباليا (البلدة والمخيم): يسيطر الخط على أكثر من نصف مساحتها (18 كم مربع، 220 ألف نسمة).

  • بيت حانون: يبتلع الخط المدينة بالكامل (16.5 كم مربع، 60 ألف نسمة).

  • بيت لاهيا: يسيطر الاحتلال حالياً على 40% من مساحتها (25 كم مربع، 110 آلاف نسمة).

خنق السلة الغذائية لغزة

يؤكد علاء العطار، رئيس بلدية بيت لاهيا، أن "الخط الأصفر" يستقطع أكثر من 40% من أراضي المدينة، مشيراً إلى أن أكثر من 10 آلاف دونم زراعي (من أصل 25 ألفاً) أصبحت في حكم المفقودة، حيث لا يستطيع أصحابها الوصول إليها.

الضرر الأكبر يطال القطاع الزراعي، حيث ابتلع الخط نحو 80% من أراضي بيت لاهيا الزراعية الخصبة. ويقول العطار: "هذه المنطقة كانت تعتبر السلة الغذائية الأولى لسكان القطاع، وتشتهر بزراعة الفراولة، البطاطا، والعديد من الخضروات والفواكه الأساسية".

هذا الواقع الميداني يتزامن مع انتهاكات موثقة؛ فقد سجلت الجهات الرسمية في غزة أكثر من 125 خرقاً إسرائيلياً للاتفاق، من بينها 52 عملية إطلاق نار مباشر على المدنيين، و10 عمليات توغل عسكري خارج حدود "الخط الأصفر" المعلن.

التعليقات

';


إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

عالم محير 83

2016